قصتي بعنوان ... (مصير محتوم ) يارب تعجبكم
الجزء الاول : مازال جالس على الكرسى الكبير الاسود
مازال يتصفح كتابه الضخم المعـــــــقد
لا اعلم هل مرت دقائق ام ساعات ام ايام وهو جالس فى مكانه ربما كانت سنين او ربما كان هكذا منذ بدء الخليقه لا اعلم...
ملامحه لا تبدو عليها التعب او الارهاق لا تبدو عليها الملل او الفشل ولكنها ملامح ثابته لا تقترن بتصرف أنامله فوق مكتبه الخشبى وكئنما هو حانوتى يضع جسدا داخل التابوت الخشبى وقد فعل هذا مئات المرات فلا عاد يهتم اذا كان هذا الجسد لرجل ام أمرأه او طفل لم يرى الدنيا بعد او لشيخ مات وفى راسهآلاف الافكار والذكريات...
: كان هذا حاله... اما انا فكانت كلمه الانتظار هى المفهوم العام لحالى .
الانتظار هو محور حياتى مع هذا الرجل كنت أنتظر ان يتكلم او يبتسم لم يكن الانتظار الممل ولكن كان اشبه بانتظار راكب الامواج لموجه كبيره تستطيع ان تحمله حتى يكاد يلمس السحاب...
جائنى صوته من الغرفه المقابله يريدنى ان احضر له اوراقه فقفزت من مكانى حامله اوراقه وذهبت له. كان قد اشعل سيجاره وهو يرتمى للخلف على الكرسى الكبير الاسود. فى ابتسامه مصطنعه, اخذ منى الاوراق شاكرا واحسست ان بداخله شيئا ما احسست ان روحه تريد ان تنطلق تريد ان تركض فى الساحات وتسبح مع الاسماك تريد ان تضحك حتى البكاء تريد ان تحزن حتى العويل تريد اى شئ وكل شئ الا ان تسجن داخل هذا الكرسى داخل هذا الوجه الذى بات فاتر الملامح...
غدا ستكون روحك لى يا صاحب الوجه الرخامى غدا سأحرر روحك من قيود العمل الدائم وسننطلق ضاربين ِبكل قوانين الروتين الممل عرض الحائط وسنعيش معا فى سعاده تحولك الى طائر مغرد الى طفل يخطو خطواته الاولى غدا انت لي ...
اشرق صباح هذا اليوم بطيئا حزينا كنجمه يشع اخر بريق لها قبل ان تفنى فى العدم لا اعلم لماذا كنت اشعر ان كل شئ يقول لى لا تذهبى اليوم كل شئ ملابسى فى الخزانه. مرآتي . زجاجه عطرى. حتى سائق التاكسى كنت اشعر انه يريد ان يقول لى لا تذهبى خذى اليوم اجازه ارحلى انتقلى الى عمل اخر اى شئ ولكن لا تذهبى اليوم....
دفعت بافكارى المجنونه خارج راسى وقلت لنفسى انه الزمان الغادر فقط انه يحسدنى على السعاده التى سأبدؤها اليوم يريدنى ان
أظل سجينه الحزن والانتظار قاصريت على خطوتى الجريئه التى لا يعلم نتيجتها الا الله ...
: كان لم يكن جاء الى المكتب بعد فخطرت لى فكره وهي ان انتظره فى مكتبه . لقد راودنى الليله الماضيه حلم غريب لم اعلم انه حلم حتى ايقظتنى دقات الساعه لتخبرنى ان اليوم الموعود قد جاء لقد رأيته فى الحلم وهو داخل قفص من الحديد والغريب انه كان يبتسم ففتحت له باب القفص واخذت بيده لاخرجه . ظللنا نمشى فى مكان اشبه بالغابه وفجأه وجدت نفسى اغوص فى ارض هذا المكان ظللت اصرخ له متوسله ان ينجدنى من هذا الموقف وظل هو فى مكانه لا يتحرك ولا تتحرك الابتسامه الساخره من على وجهه .. لم اكن احلم قبل هذا اليوم كانت احلامى عباره عن ضباب سائد لا اعلم ملامح الذين معى ولا اعلم اين انا وكنت غالبا أفقد ذكرى هذا الحلم فى الصباح الا بعض اجزاء منه تظل تعبس فى راسى حتى اخر اليوم ...
وجدت نفسى فى مكتبه ووجدت نفسى انظر الى الكرسى الاسود الكبير نظره استخفاف بها نشوه فرح وكأننى اقول له اليوم هو اخر ايامك اليوم تذهب بلا رجعه وتذهب معك ذكرى الايام البارده والانتظار: ولكن لفت نظرى شيئا ما على المكتب الخشبى جعلنى ابتعد بنظرى عن الكرسى فى سرعه وظللت أتأمل هذا الشئ . كان مربعا من الخشب فقط الخشب بلا اى تكلفه بلا اى ذوق او روح وكأنما الذى صنعه صنعه وهو مغلل بالقيود وبه لوح زجاجى يعكس ما ورائه انها صوره فتاه جميله ورقيقه وساحره . انا اعرفه من زمن بعيد ولم أرا هذه الصوره فى حياته من قبل: من تلك الفتاه لابد ان اعرف ولماذا يحتفظ بصورتها بهذا الشكل ولماذا لم يخبرنى عنها هل فقد عقله كيف يتجاهل احاسيسى بهاذا الشكل وانا التى اعطيته سر السعاده فى الحياه . يجب ان اواجهه يجب ان يخبرنى من هذه الفتاه لن اقبل منه اعذار ولن اسمح لكلامه الرقيق ان يتخللنى فيذوب بركان الغضب سيحاول الاعتذار فأرفضه سيظل يستسمحنى حتى ارضى عنه فأدير راسى وكأننى قمه جبل فى القطب الجنوبى أعلم انه سيفعل ....
(( انتى بتعملى ايه هنا ))
ألقتنى هذه الجمله من فوق برج أحلامى الذى كنت أبنيه فارتطمت بارض الواقع وألتفت لأجده واقف على باب المكتب وقد عقد ما بين حاجبيه ثم عاد وقال لى
((انتى مش على مكتبك ليه يا انسه ))
كانت كلاماته تصيبنى بالرعشه والدوار وكأننى اصابتنى الصاعقه ولكننى كنت اليوم قد قررت ان اواجهه وقررت الا أكتفى بمختصر الكلام معه فجمعت شتات شجاعتى وقلت له
ِ
الجزء الثاني(( ممكن أعرف مين دى ))
كانت الكلامات تخرج من فمى كأنها بكاء طفل صغير فقد امه كانت كلامات مخنوقه تكاد تجرح حلقى من حدتها ...
أجابنى وهوه يجلس على كرسيه الكبير الاسود وقد علت وجهه نظره سخريه وكأنه قناص اوقع فريسته فى الفخ بعد ان طاردها ايام طويله .
(( وانتى مالك !! )): كان رده اشبه بشخص يسأل ام لماذا تحب طفلها أنه سؤال ليس له أجابه . ولكننى جاوبته قلت له فى صوت ضعيف هزيل انى احبــــــــك وانت تحبنى ايضا لا تستطيع ان تنكر هذا ألا ترى اننا أثنين قدر لهم الخالق ان يكونا معا ألا ترى اننا زهرتين خرجا من نبته واحده ان اقتلعت واحده تذبل الاخرى وتموت و تأخذها الرياح ناسيه منسيه . يا صاحب القلب الحجرى يجب ان تعلم أن حبك بداخلى أصبح يملئ وجدانى واصبحت انت الهواء الذى اتنفسه ...
قاطعنى لا اعلم كيف ولكننى وجدته قد بدأ يحرك شفتاه بكلام لم اتوقعه ولا افهمه أهذا الكلام لى انا ؟ ...
بت أسال نفسى فى دهشه وظل هو يوجه إلي هذا الكلام لا انه ليس كلام أنه سهام مسمومه تصيب كل جزء فى جسدى فيذوب منى ويسقط على الارض . أنى اراه امامى ولكنى لم اعد اسمع اى شئ . انى اراه امامى ولكنى لم اعد ارى اى شئ سواه ثم لم اعد اراه هوه أنى ارى ظلام مطبق يكاد يخرج روحى وظللت اتوسل الى قدمى حتى تخرجنى من مكتبه حتى سمحت لى وخرجت من مكتبه وانا فى حاله ضياع روحى: لا اشعر بالحزن او الالم فقط اريد ان انكمش على نفسى حتى اختفى من الوجود ولكن كلاماته ظلت تطارد أفكارى وتفتك بها الواحده تلو الاخره .
لم اعد اذكر وانا واقفه فى شرفه مكتبى من كلاماته الحارقه غير
(( انتى فكره نفسك ايه )) . (( انتى فهمتى عطفى عليكى غلط )) . (( أنتى مش من مستوايا)) أدركت وقتها انى كنت ضحيه الحب من طرف واحد وان صاحب القلب الحجرى قد وضع حبى فى زجاجه وألقاها فى المحيط .
: لم اعد أستطيع الصمود أكثر من ذلك غدا ستعرف زميلااتى فى المكتب ما حدث وسيأسفون لحالى قائلين يالحسرتها لقد كسر قلبها ذو الوجه الرخامى ولكن هذا هو اقل همومى كيف سأعيش من غيره
: وهنا قررت أن أتخلص من حياتى البائسه الذليله حتى أكون ذكرى ينساها الناس مع مرور الايام .
فرفعت قدمها على الشرفه واستسلمت لسقل وزن جسدها حتى يجرها الى مصيرها المحتوم .
أما هو فقد حائه صوت أرتطام الجسد الملئ بالحزن والاسى على الارض .
: ولكنه ظل جالس على كرسيه الكبير الاسود....
النهــــــــــــــــايـــــــــــــه